اين نحن من لغتنــــــا ؟؟؟؟؟؟

حينما ننظر إلى جميع الأمم القوية ـ في العصر القديم والحديث ـ لا نجد أمّةً واحدةً منها تهمل لغتها؛ بل نجد أنهم ـ جميعاً ـ يعتزّون بها ويسعون إلى نهضتها؛ لإيمانهم بأن نهضتها نهضة لهم، وضعفها ضعف لهم.

أما نحن العرب؛ فنجد أننا من أزهد الأمم بلغاتها، (مع أنّ لغتنا تُعدّ من اللغات القليلة المعتمدة في هيئة الأمم المتحدة)، وحينما نقرأ أقوال علماء المسلمين عن عظمة العربيّة وضرورة المحافظة عليها والاعتزاز بها، ونقرأ أقوال غير المسلمين ممّن عرف العربيّة وعظمتها، ندرك أنّنا لم نعرف العربيّة بحقّ، ولم نبصر جمالها وروعتها التي أحسّ بها وذاقها بعض العجم ممّن درسها.

وفيما يلي أورد بعضاً من أقوال علماء المسلمين عن العربيّة، وأستكملها فيما بعد، ثمّ أورد في الكلمات الأخرى بعضاً من أقوال علماء الغرب والشرق عن لغتنا العظيمة:

قال ابن تيميّة رحمه الله: "فإنّ اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميّزون" (اقتضاء الصراط المستقيم ص 203).

وقال ابن تيميّة: "وما زال السلف يكرهون تغييرَ شعائرِ العربِ حتى في المعاملات، وهو التكلّم بغير العربية إلاّ لحاجة، كما نصّ على ذلك مالك والشافعي وأحمد، بل قال مالك: (مَنْ تكلّم في مسجدنا بغير العربية أُخرِجَ منه) مع أنّ سائر الألسن يجوز النطق بها لأصحابها، ولكن سوّغوها للحاجة، وكرهوها لغير الحاجة، ولحفظ شعائر الإسلام". (الفتاوى 32/255).

وفي القولين السابقين لابن تيميّة ـ وهو من أعظم علماء الإسلام ـ نوقن أنّهم عرفوا اتصال اللغة بشخصيّة الأمّة، ومعرفتهم بأنّ مشابهة الأعداء بلغاتهم كمشابهتهم في عاداتهم؛ بل تزيد خطورة.

وفي قول ابن تيميّة التالي ما يدلّ على أن القرب والبعد عن العربيّة هو معيارٌ لقربنا أو بعدنا من مصادر عزّتنا من سلف الأمّة، قال: "اعلم أنّ اعتياد اللغة يؤثر في العقلِ والخلقِ والدينِ تأثيراً قويّاً بيّناً، ويؤثر أيضاً في مشابهةِ صدرِ هذه الأمّةِ من الصحابةِ والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقلَ والدينَ والخلقَ، وأيضاً فإنّ نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرضٌ واجبٌ، فإنّ فهم الكتاب والسنّة فرضٌ، ولا يُفهم إلاّ بفهم اللغة العربية، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب". (اقتضاء الصراط المستقيم ص 207).

نعجب بعد ذلك من جهلنا وظنّنا أنّ اللغة لا صلة لها بالحضارة والتقدّم؛ بل إنّ بعض شباب المسلمين يظنّ أنّ التشبّه بالأعداء في الحديث بلغتهم هو مظهر من مظاهر التقدّم، وهذا لا ينفي ضرورة تعلّم المسلم اللغات الأخرى بقدر الحاجة.