كيف تحافظ الامهات السعوديات على اطفالهن

--------------------------------------------------------------------------------




كيف تحافظ الامهات السعوديات على اطفالهن بين ايدي الحاضنات؟

يتجاذب بعض الموظفات إحساسين متضادين لدى خروجهن صباح كل يوم من المنزل أحدهما واجب العمل و الآخر واجب الأمومة الفطري حيث تضطر إلى ترك طفلها بصحبة الخادمة الأجنبية دون أي ضمان تام بعدم تضرر طفلها منها أو مشاركتها لها في تربية ابنها واحتمالية تعلق الطفل بالخادمة وتأثره بها سلوكيا من نواحي العقيدة واللغة والعادات والسلوك خاصة وهو في مراحل الطفولة حيث لا يستطيع الشكوى لتذهب إلى عملها فتغيب ما يزيد عن 6 ساعات يوميا.


الطفل يتأثر من الخادمة من عدة نواحي..


أوضح عدد من الموظفات أن عملهن يشوبه الكدر لقلقهن المتواصل على أطفالهن حيث تجده هزيلا به نوع من التأثر النفسي وكأنه متضرر، أو مستخدما بعض الكلمات الآسيوية التي تخص الخادمة. التقت مجموعة من الموظفات والأمهات ممن وجدن حلولا مناسبة وترضي جميع الأطراف. حيث عمدت هيفاء سعد إلى إخفاء كاميرا تصوير أمنية أعلى إحدى النوافذ ترصد تحركات ابنها والخادمة، بعد أن وجدت علامة لسعة على ذراع ابنها البالغ من العمر سنتين بلون احمرار وبقايا كريم وأنكرت خادمتها درايتها بالأمر مما جعلها تفعل ذلك لتتأكد من عدم إيذاء الخادمة للأطفال.

وقالت هيفاء "أخذت الفكرة من خالتي التي تعمل في قسم الشؤون الاجتماعية، والتي أكدت أن الحيطة خير حل للاطمئنان على الطفل. في البدء كنت أدير الكاميرا يوميا حتى تأكدت من جودة الخادمة. ثم أصبحت أشغلها بشكل دوري كل يومين أو ثلاثة". أما الأم وفاء القحطاني فقالت إنها رصدت أخطاء للخادمة بواسطة الكاميرا الخفية كمحادثات هاتفية، وكسر للأطباق، واستخدام بعض حاجيات ربة المنزل إلا أنها لم تضر طفلها بشيء، مشيرة إلى أنها تجاوزت عن تلك الأخطاء في سبيل أن تتعامل مع طفلها بشكل جيد.

أما رشا فتقول "أنا مضطرة إلى أن أدلل خادمتي تدليلا فائضا، فأنا أترك في يدها ابني قطعة مني لما يزيد عن نصف اليوم، كوني أعمل ممرضة"، موضحة أنها ابتاعت لها جوالا وتعطيها قيمة المكالمات. كما أنها تمنحها إجازة كل جمعة لا تطلب فيها منها شيئاً، وتصحبها للتسوق في السوبر ماركت. بل إنها أعطتها قطعاً من الذهب الخاص بها.

خالد نمور (ولي أمر وموظف بشركة نفط) يغيب كثيرا عن المنزل بحكم عمله يمتعض كثيرا من وجود الخادمة في المنزل، ولكنه يراه أمرا لابد منه لأي زوجين موظفين. يقول إنه لا يثق في الخادمات كثيرا، ولذلك يعد الرقابة المنزلية للخدمات بما في ذلك استخدام التقنية الحديثة والكاميرات الخفية داخل المنزل أمرا طبيعيا ومطلوبا في معظم الأحيان مبررا ذلك بحماية أبنائه من أخطاء الخدمات.

ولا يؤيد محمد سلمان التوسع في استخدام الرقابة على الخادمات، فربما يؤدي ذلك إلى تعود الزوجين في المنزل على أن تصبح المراقبة عادة، ومن ثم استخدامهما لهذه الوسيلة في المراقبة ضد بعضهما، مطالبا بجلب الخادمة من ذوات الخبرة في التربية، وأن تعطى الثقة والاهتمام وكافة حقوقها في البداية حتى يثبت العكس.


شوهالمربية هاي..؟

محمود أمين يقول إن المشاكل التي تعرض لها كثير من الأبناء والأزواج من الخدمات جعلت هاجس الرقابة بما في ذلك استخدام التقنية الحديثة مسيطرا على البعض، ولكن لا يجب أن يكون منهجا، لأنه يتنافى مع المنهج الإنساني، وإذا تم ذلك يكون بحدود وعند الضرورة، مطالبا الزوجين بتحمل مسؤولية أبنائهما بنفسيهما وعدم تركهم للخادمات.

88% من البيوت السعودية فيها خادمات وأوضحت عضو هيئة تدريس تخصص علم الاجتماع بجامعة أم القرى الدكتورة حورية الصباغ أن 88% من البيوت السعودية فيها خادمات، وأن دراسة أعدتها الجامعة أكدت أن 3% فقط من هذه العمالة من الدول العربية. في حين أن 97% هي عمالة غير عربية، موضحة أن الحاجة الملحة للخادمة في بعض المنازل بمجتمعنا برزت لخروج المرأة للعمل، ووجود بعض الآباء والأمهات المسنين والذين يحتاجون إلى عناية خاصة.

وأضافت أن وجود الخدم في أي مجتمع ليس ظاهرة مرضية أو نمطاً سلبياً من أنماط المجتمع الإنساني، وإنما طبيعة الحياة الاجتماعية نافية خلو أي مجتمع في أي زمان ومكان من وجود الخدم سواء كانوا يعملون بأجر أو يعملون متطوعين لخدمة أقاربهم، والأصل في وجود الخدم هو تحقيق الفائدة للأسرة من دون أي ضرر.

اختلاف ثقافات وعن المشكلات التي يسببها وجود الخادمات قالت الدكتورة الصباغ إن عدم الدقة في اختيار الخادمات واختلاف ثقافتهن وأخلاقهن وبيئتهن عن عاداتنا وتعاليم ديننا أفرز العديد من المشاكل النفسية والسلوكية والأخلاقية والعقائدية لدى الأطفال، مرجعة بعض الأسباب إلى أن قسوة المعاملة وعدم مراعاة إنسانية وحقوق الخادم من جانب بعض الأسر أسهمت بدور بارز في استفحال المشكلات.

ودعت الدكتورة الصباغ إلى وضع ضوابط وحدود لتحري الدقة وحسن المعاملة والحد من تصرف الخادمة في جميع شؤون الأسرة و ترك إدارة المنزل والتصرف المطلق للخادمة مضيفة أن الخدم ضرورة اجتماعية واقتصادية تفرضها طبيعة الحياة الاجتماعية والظروف الاقتصادية.. وزاد من الحاجة إلى العمالة المنزلية توسع حجم المنزل السعودي وتطورت مفاهيم النظافة واتساع الدائرة الحضارية فيما يخص نواحي الجمال والزينة والذوق العام وهي ليست من صنع أفراد أو تلبية لمصالح فئات محدودة في مرحلة معينة ولا سبيل للقضاء عليها بصفتها ظاهرة إنسانية.

الخادمات مربيات وأكدت أستاذة التربية بجامعة الملك فيصل الدكتورة فاطمة آل زيد أن مازاد من اتساع الخدمة الحضارية نشأة الأطفال وترعرع الصبيان في بيئة ملتزمة بمعايير جديدة وقاسية فيما يخص المأكل والملبس والسلوك اليومي المطلوب للحفاظ على القيم المكتسبة مما تسبب في ارتفاع أعداد الخادمات وضرورتهم، مؤكدة أن الخادمة تشارك في تربية الطفل حيث تقضي أغلب ساعات اليوم برفقته، وتلبي احتياجاته.

الطفل قد يعجز عن التعبير أو الكلام
فيحتفظ في عقله الباطن بأمور قد نجهلها

وعن الحلول الممكنة للقضاء على تلك السلبيات التي نشأت داخل كل أسرة والحد من الآثار والإفرازات الجديدة على المجتمع أكدت الدكتورة فاطمة آل زيد أن للخادمة تأثيراً سلبياً في تربية الطفل بالتدخل في القيم الدينية والثقافية واللغوية والاجتماعية والأنماط السلوكية والروابط والعلاقات الزوجية والأسرية، داعية إلى تقليل أثر الخادمة على الأطفال، مشيرة إلى أن وجود الخادمة في المنزل لا يشكل مشكلة في تربية الأبناء في حال تمسك الوالدين بدورهما الأساسي في التربية، ويبقى دور الخادمة بعيدا عن الناحيتين الاجتماعية والتربوية مثل طريقة الكلام ونوعه وطريقة الأكل وطريقة قضاء الحاجة بالنسبة للطفل، وعدم إسنادها إلى الخادمة وتحديد دورها بالثانوي وقالت إن أهمية الأسرة بصفتها مؤسسة تنشئة اجتماعية لا تقلل من دور وجود الخادمة بشرط أن تكون عملية الضبط الاجتماعي دقيقة صارمة من ناحية الأسرة.

اضطرابات في الشخصية وفي الطب النفسي يقول استشاري الطب النفسي في مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر الدكتور فهد اليحيى إن وجود خادمات ومربيات الأطفال ظاهرة ليست غريبة، يقول "الطفل قد يعجز عن التعبير أو الكلام فيحتفظ في عقله الباطن بأمور قد نجهلها، فتؤثر عليه في المستقبل، وهذا الأثر يبقى ويولد عنده إحساساً بالذنب قد يستمر معه فيفقد الطمأنينة، وقد ينتابه اكتئاب يؤدي إلى اضطراب في الشخصية ويبقى الاضطراب فيه طوال عمره، فيفقد القدرة على تربية أطفاله تربية سليمة مستقبلاً.. وفي أوقات كثيرة نسمع منه: أنا أحب هذا الشيء ولا أعلم لماذا؟، وبالعكس.. أنا أكره هذا الشيء ولا أعلم لماذا؟ سواء كان ذلك صورة أو منظراً أو عطراً أو أي شيء آخر، ويعود السبب إلى احتفاظ العقل الباطن بأثر ذكرى قد تنسى مع الأيام ولكن يبقى الأثر، وقد يعاني منه ولا يتذكر إلا بجلسات نفسية عديدة". الوطن